المشهد العاشر/ نهار _داخلي
بدأ وسام يتماثل بالشفاء شيئا فشيئا حتى سمح له بمغادرة المستشفي ، وكانت أمه لا تفارقه ، كما كانت لا تفارق حسام الذي بدأ هو الآخر يتعافي حتى خرج من غرفة العناية المكثفة واستقرت حالته ، كانت منال سعيدة بما تفعله ، بوجودها لجانب حسام الذي مالبث أن بدأت تشعر بانه ابنها حسام ، فهو قريب الشبه منها تفاصيل وجهه جعلت غريزة الأم تشتعل لديها ، ما كانت تفارقه لا هي ولا ابنها وسام ، لم تكن تريد من وقوفها سوي أن تتأكد بأنه فعلا ابنها ، وكان أيضا حسام سعيدا بذلك فقد شعر بحنانهم عليه وقال:" وقفتكو يا خالتي جنبي عمري ما رح أنساها، وان شاء الله ليوم ابوي جاي ورح أكيد طبعا يتشكركو ا علي عملتوه".
منال:" عيب هالحكي يا بنيي ...انت بمقام ابني........وتنظر لوسام وتقول:" بمقام ابني وسام".
وتخرج من الغرفة وبدأت تروح جيئة وذهابا خرج وسام من غرفة صديقه حسام وذهب لأمه، وقبل رأسها وقال:" يا أمي لي ما تروحي ترتاحي أنا والحمد لله مبارح طلعت من المستشفي وهاي حسام استقرت حالتو ، والحمد لله روحي ارتاحيلك شوي الله يعينك تعبتي كتير انتي".
منال وفي عينيها حيرة استغرب لها وسام:" معلشي يا وسام يا حبيبي بس اتطمن منيح علي حسام بروح".
وسام:" اووه انا بلشت أغار منو ها "،وهوي يضحك ممازحا لأمه
منال:" مش عارفة يا وسام بحس انو حسام ابني الى ضيعتو من سنين كل ما اطلع بعيونو بتززكر ابوك وبحس انو بيشبهني كتير".
وسام وهو مندهش من أمه:" شو بتحكي انتي يا امي مالك ؟؟ الي صار ما حدا بينكروا بابا وحسام استشهدو بالحرب الى صارت .... صحيح انو حسام متل اسم اخوي بس حسام الو اهل يا امي واهلو مسافرين ، يقبل جبين أمه ويري بيعينيها دموع بدأت تنهمر ويقول لها:" استهدي باله انتي لازم ترتاحي شوي يلي عشان اروحك علبيت".
ويعود لحسام ويستأذن منه لدقائق كي يعيد أمه للمنزل ومن ثم يعود، تدخل منال خلفه وتقترب من حسام وتقول:"حمد لله عسلامتك يا خالتي".
حسام وقد أراد أن يسند نفسه حتى يتحدث لام وسام فتلاحظ منال ذلك وتحاول مساندته تتجه نحوه لترفع الوسائد وتعدل من جلسته فقد تذكرت حينها أن لابنها حسام وحمة على رقبته من الخلف وبوَلَهِ الأم التي تريد أن تبرد نار قد اشتعلت داخلها أرادت أن تتأكد وكان لها ذلك فما أن يبعد ظهره عن الوسادة محاولا أن يعدل من جلسته تهلع منال وتلمح وحمة بين كتفه ورقبته تقف دون حراك لا تدري ماذا تفعل لكنها ابتعدت قليلا ثم نظرت لحسام وهي تبكي وتنادي:" حسام ابني ، تعيد نظرها لوسام وتقول له:" أنا مش قلتلك انو ابني أنا حاسة قلب الأم عمرو ما بيكذب".
وسام وقد بدأ عليه الإحراج فأقترب من أمه واعتذر لحسام وقال له:" معلشي يا حسام يا امي شو عمتعملي قلتلك انو حسام عندو أهلو وأهلو مسافرين"، ويعيد النظر لحسام:" بعتذر منك بس أنا أهلي استشهدو بالحرب أخوي وأبوي وأمي من يومها كتير متأثرة وعشان اسمك مثل اسم أخوي الله يرحمو فكرتك ابنها".
ولكن منال لم تقف ساكتة اسكتت وسام واقتربت من حسام تسأله لكي تتأكد ولكن حسام أخبرها:" الله يرحمهم يارب وأنا كمان يا خالتي أهلي استشهدوا بالحرب وما ظل غير انا وابوي وسافرنا".
منال تعاود النظر لوسام ثم تقول له:" احكيلي يا بنيي شو الى صار معكم يوم الحرب وشو اسم امك ووو شو اسم أبوك".
حسام وقد بدأ يسرد الأحداث حتي يطمئن بال أم صديقه :"يوم القصف، كنت نايم صحيت على صوت خبطة قوية طلعت وصرت انادي علي امي ما لقيت حدا فتحت الباب ونزلت وشوي اجا ابوي وحملني إجينا بدنا ننزل على الدرج ما عرفنا ننزل كان في ناس كتيرة و ونزلنا علي سلم الطوارئ انا وقتها كنت خايف كتير وبصرخ بس بابا لمن شافني رجع علبيت ونزلنا من باب المطبخ كانت الناس خفيفة عليه فوقتها قدرنا ننزل منو لفينا منال شارع التاني واحنا بنمشي انقصفت العمارة الى احنا كنا ساكنين فيها وما قدرنا نمر من الشارع وصرنا نهرب مع الناس إلى هربت".
منال وقد اقتربت اكتر منه وهي تبكي سألته سؤال أخر:" أمك وابوك شو اسمائهم ".
حسام:" ابوي صدام وامي اسمها منال الله يرحمها واخوي اسمو وسا....".
منال وهي تبكي وتحتضن رأسه وتبكي وتقول الحمد لله رجعتلي ابني ياربي وسام وقد صدق امه وأخذ هوا لآخر بالبكاء فقد كانت الرواية صحيحة ولكن لم يتأكد أحد من مات داخل الهدم .
اقترب وسام من حسام واحتضنه وهوي يبكي ويقول:" اخوي يا حبيبي حدي طول هلفترة وما عرفتك".
تعدل منال من نفسها وتمسح دمعتها وتقول:" ابوك وينو ووين صدام".
حسام وهوي يبكي :" ابوي بالأمارات راح علإمارات"، ...وعاد ليسرد ما حدث معهم :" نزلنا علي ملجأ كان بالمنطقة، قعدنا أكم يوم ولمن هديت الأوضاع شوي طلعنا وحكالنا الشيخ محمد انك رحتي عبيت جدي بعد ما انقصف البيت رحنا لهناك لقينا كمان بيت جدي والناس والجثث كلها قدامنا وحكولنا الناس انو أهل البيت كلهم ماتو تحت القصف، بابا كتير بكا وحكا ما النا قعدة بهالبلد أخدني وطلعنا بريت البلد ...
يعاود حسام بالحديث ويقول:" كتير تعبنا واتعزبنا وعانينا كتير بس اضطرينا انو نتأقلم حتي وقفنا على اجرينا وهاي دارت الأيام ورجعت علبلد أكمل دراستي وسبحان الله رجعتي أحلى شي صار بحياتي لإنو لقيتكو الحمد لله يارب".
كان حسام يتحدث وأمه تبكي وتشعر بالذنب يعادوها الذنب وتعاود حديثها:" انا السبب حقك عليي يا ابني يا حبيبي سامحني"،"حمد لله يارب الله جمعني فيك قبل لأموت ويارب يجمعني بأبوك يارب".
في تلك اللحظات كان صوت نجيب يصدر خافتا وبدأ يتعالي من علي باب الغرفة يلتفت ثلاثتهم إذ بشخص يقف علي الباب وكانت المفاجأة أكبر لمنال حيث رأت ما كانت تتمني دائما .... زوجها.....
أخذ صدام ينظر لوسام ومنال ويبكي بحرقة تقف مقابله منال مصدومة والدموع لم تجف من عينيها ..التقطت أنفاسها وركضت لصدام تبكي فقد عرفت ملامحه علي الرغم من ظهور الكبر عليه .
عدل حسام من نفسه وهو يقول:"بابا"، ووسام ينظر إليه ويبكي ويركض ناحية أمه ووالده ويحضنهما وهوي يصرخ ويقول الحم دلله يارب الحمد لله ثم يعود لأخيه ويحضنه ويقبل رأسه......
0 التعليقات:
إرسال تعليق